تواصل شركة DeepSeek الصينية الناشئة جهودها في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهذه المرة تركز على تقليص حجم البيانات والتدريب المطلوب لتشغيل نماذجها الذكية، مما يؤدي إلى خفض كبير في التكاليف التشغيلية وزيادة كفاءة الأداء. وتأتي هذه الخطوة في وقت تتسابق فيه الشركات العالمية لتقديم نماذج ذكاء اصطناعي أكثر ذكاءً واستجابة، مع تقليل الاعتماد على الموارد المكلفة.
تعاون علمي مع جامعة بكين لتقديم نموذج جديد
أعلنت DeepSeek عن تعاونها مع مجموعة من الباحثين في جامعة بكين لإعداد ورقة بحثية تقدم فيها نهجًا مبتكرًا في مجال التعلم المعزز (Reinforcement Learning). وتهدف هذه المقاربة الجديدة إلى تحسين قدرة النماذج على التوافق مع تفضيلات البشر بشكل أفضل، من خلال إعطائها مكافآت عند تقديم إجابات دقيقة، سهلة الفهم، وأكثر قربًا لما يفضله المستخدم.
ويُعد هذا التحول في طريقة التدريب والتعلم خطوة استراتيجية تهدف إلى تسريع وتيرة التطوير وخفض استهلاك الموارد. فبدلاً من الاعتماد على كميات هائلة من البيانات والخوادم باهظة التكلفة، تبحث DeepSeek عن حلول ذكية تُنتج أداءً عاليًا دون الحاجة إلى البنية التحتية الضخمة.
مفهوم "ضبط النقد الذاتي" لتحقيق الكفاءة
من بين أبرز النقاط التي تطرقت لها الورقة البحثية هو ما أطلق عليه الباحثون "ضبط النقد الذاتي". وهي تقنية جديدة ضمن التعلم المعزز تسعى لتحسين استجابة النماذج عبر تحليل نتائجها السابقة وتقديم تغذية راجعة داخلية تحفز النموذج على تعديل سلوكه وتحسين قراراته المستقبلية.
وقد أظهرت النتائج الأولية تفوق هذا النهج على الأساليب التقليدية في مجالات متعددة. المثير للاهتمام أن هذا التفوق لم يتطلب زيادة في قوة المعالجة أو الموارد الحاسوبية، ما يعزز من قيمة هذا الإنجاز خصوصًا في ظل ارتفاع تكاليف تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
DeepSeek-GRM: خطوة نحو الشفافية ومشاركة المعرفة
مما جعل الشركة تطرح هذا الاسم على هذا التوجه الجديد اسم DeepSeek-GRM، وهو اختصار لـ General Reward Modeling أو "نمذجة المكافآت العامة"، وهي تسمية تعكس فلسفة المشروع القائمة على بناء نظام ذكاء اصطناعي يتعلم بشكل أكثر مرونة وفعالية من تفضيلات المستخدمين.
وتُعد خطوة جعل هذه النماذج مفتوحة المصدر واحدة من أبرز المبادرات التي تبنتها DeepSeek، مما يتيح للباحثين والمطورين من مختلف أنحاء العالم دراسة النموذج، واختباره، وتطوير تطبيقات مبنية عليه.
سباق عالمي لتحسين قدرات الذكاء الاصطناعي
ايضا لا تقتصر هذه المحاولات على DeepSeek فحسب، إذ إن العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل OpenAI في سان فرانسيسكو ومجموعة علي بابا في الصين، يعملون على تطوير أساليب متقدمة لتحسين قدرات النماذج في الاستنتاج المنطقي والتفكير الذاتي، خاصة أثناء تنفيذ المهام في الوقت الفعلي.
ويتجه هذا النوع من التطوير نحو مستقبل تكون فيه النماذج قادرة على التعلم الذاتي المستمر وتحسين أدائها مع كل تفاعل جديد، مما يفتح آفاقًا واسعة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل التعليم، الرعاية الصحية، التجارة الإلكترونية، والمزيد.
خاتمة
تضع DeepSeek نفسها في موقع ريادي ضمن عالم الذكاء الاصطناعي المتطور. ومع إطلاق DeepSeek-GRM كمشروع مفتوح المصدر، تُظهر الشركة التزامها بالشفافية ومشاركة المعرفة، وهو ما قد يُحدث فرقًا كبيرًا في كيفية تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي عالميًا.